فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}
ذَكَر جزاء من اتقى مخالفة أمر الله {مَفازاً} موضع فوز ونجاة وخلاص مما فيه أهل النار.
ولذلك قيل للفُلاة إذا قل ماؤها: مفازة، تفاؤلاً بالخلاص منها.
{حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً} هذا تفسير الفوز.
وقيل: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} إن للمتقين حدائقَ؛ جمع حديقة، وهي البستان المُحَوَّط عليه؛ يقال أحدق به: أي أحاط.
والأعناب: جمع عنب، أي كروم أعناب، فحذف.
{وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً} كواعِب: جمع كاعِب وهي الناهد؛ يقال: كَعَبَت الجارية تَكْعَب كُعوباً، وكَعَّبت تُكَعِّب تكعِيباً، ونَهَدت تَنْهَد نُهوداً.
وقال الضحاك: ككواعب العَذَارَى؛ ومنه قول قيس بن عاصم:
وكْم مِن حَصانٍ قد حَوَينا كرِيمةٍ ** ومِن كاعِبٍ لم تدرِما البؤسُ مُعْصِرِ

والأتراب: الأقران في السنّ.
وقد مضي في سُورة (الواقعة) الواحد: ترب.
{وَكَأْساً دِهَاقاً} قال الحسن وقتادة وابن زيد وابن عباس: مُتْرعة مملوءة؛ يقال: أدهقت الكأس: أي ملأتها، وكأس دِهاق أي ممتلِئة؛ قال:
ألا فاسقِنِي صِرْفاً سقانِي الساقِي ** مِن مائِها بِكأسك الدِّهاقِ

وقال خِدَاش بن زُهَير:
أتانا عامِرٌ يبغِي قرآنَاً ** فأَتْرعْنا له كأساً دِهاقاً

وقال سعيد بن جُبير وعِكرمة ومجاهد وابن عباس أيضاً: متتابعة، يَتبع بعضُها بعضاً؛ ومنه ادَّهَقتِ الحِجارة ادهاقا، وهو شدّة تلازُ بها ودخول بعضها في بعض؛ فالمتتابع كالمتداخل.
وعن عِكرمة أيضاً وزيد بن أسَلم: صافية؛ قال الشاعر:
لأَنتِ إِلى الفؤادِ أحبُّ قرباً ** مِن الصادِي إِلى كأسٍ دِهاقِ

وهو جمع دَهَقَ، وهو خشبتان يغمز بهما (الساق).
والمراد بالكأس الخمر، فالتقدير: خمراً ذات دهاق، أي عُصِرت وصُفِّيت؛ قاله القشيريّ.
وفي الصحاح: وأَدْهَقْت الماء: أي أفرغته إفراغاً شديداً: قال أبو عمرو: والدَّهَق بالتحريك: ضرب من العذاب.
وهو بالفارسية أَشْكَنْجَهْ.
المبرد: والمدهوق: المعذَّب بجميع العذاب الذي لا فُرجة فيه.
ابن الأعرابي: دَهَقْت الشيء كسرته وقطعته؛ وكذلك دَهْدَقْته: وأنشد لحُجْر بن خالد:
نُدَهْدِق بَضْعَ اللحم لِلباعِ والندَى ** وبعضهُمُ تغلي بذمٍّ مَناقِعُهْ

ودَهْمَقته بزيادة الميم: مثله.
وقال الأصمعي: الدهمقة: لِين الطعام وطِيبهُ ورِقته، وكذلك كل شيء ليّن؛ ومنه حديث عمر: لو شئت أن يُدهْمَقَ لي لفعلت، ولكن الله عاب قوماً فقال: {أَذهبتم طيباتِكم فِي حَياتِكُمُ الدنيا واستمتعتم بِها} [الأحقاف: 20].
قوله تعالى: {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا} أي في الجنة {لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً} اللغو: الباطل، وهو ما يُلْغَى من الكلام ويُطَّرَح؛ ومنه الحديث: «إذا قلت لصاحبك أنصِت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لَغَوْت» وذلك أن أهل الجنة إذا شربوا لم تتغير عقولهم، ولم يتكلموا بلغو؛ بخلاف أهل الدنيا.
{ولا كِذّاباً}: تقدم، أي لا يُكَذِّب بعضهم بعضاً، ولا يسمعون كذباً.
وقرأ الكسائي {كِذَاباً} بالتخفيف من كَذَبْت كِذَاباً أي لا يتكاذَبُون في الجنة.
وقيل: هما مصدران للتكذيب، وإنما خففها ها هنا لأنها ليست مقيَّدة بفعل يصير مصدراً له، وشدّد قوله: {وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً} لأن كذبوا يقيد المصدر بالكذَّاب.
{جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ} نصب على المصدر.
لأن المعنى جزاهم بما تقدّم ذكرُه، جَزَاءَه وكذلك {عَطَاءً} لأن معنى أعطاهم وجزاهم واحد.
أي أعطاهم عطاء.
{حِسَاباً} أي كثيراً؛ قاله قتادة؛ يقال: أَحْسَبْت فلاناً: أي كَثَّرت له العطاء حتى قاله حَسْبِي.
قال:
ونُقْفِي ولِيدَ الحيِّ إِن كان جائِعاً ** ونُحْسِبُهُ إِن كانَ ليس بِجائِعِ

وقال القُتَبِيّ: ونرى أصل هذا أن يعطيه حتى يقول حَسْبِي.
وقال الزجاج: {حِساباً} أي ما يكفيهم.
وقاله الأخفش.
يقال: أَحسبني كذا: أي كَفاني.
وقال الكلبيّ: حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشراً.
مجاهد: حساباً لما عملوا، فالحساب بمعنى العدّ.
أي بقدر ما وجب له في وعد الرب، فإنه وعد للحسنة عشراً، ووعد لقوم بسبعمائة ضِعْف، وقد وعد لقوم جزاء لا نهاية له ولا مِقدار؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
وقرأ أبو هاشم {عَطاء حَسَّاباً} بفتح الحاء، وتشديد السين، على وزن فَعَّال أي كَفافاً؛ قال الأصمعيّ: تقول العرب: حَسَّبْت الرجل بالشديد: إذا أكرمته؛ وأنشد قول الشاعر:
إذا أتاهُ ضيفُه يُحسِّبهْ

وقرأ ابن عباس {حساناً} بالنون.
قوله تعالى: {رَّبِّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن}:
قرأ ابن مسعود ونافع وأبو عمرو وابن كثير وزيد عن يعقوب، والمفضل عن عاصم: {رَبُّ} بالرفع على الاستئناف، {الرحمنُ} خبره.
أو بمعنى: هو رب السموات، ويكون {الرحمن} مبتدأ ثانياً.
وقرأ ابن عامر ويعقوب وابن محيصن كلاهما بالخفض، نعتاً لقوله: {جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ} أي جزاء من ربك رب السموات الرحمنِ.
وقرأ ابن عباس وعاصم وحمزة والكسائي: {رَبِّ السموات} خفضاً على النعت، {الرحمن} رفعاً على الابتداء، أي هو الرحمن.
واختاره أبو عُبيد وقال: هذا اعدلُها؛ خفض {رَبِّ} لقربه من قوله: {مِّن رَّبِّكَ} فيكون نعتاً له، ورفع {الرحمن} لبعده منه، على الاستئناف، وخبرهُ {لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً} أي لا يملكون أن يسألوه إلاّ فيما أَذِن لهم فيه.
وقال الكسائي: {لا يملِكون مِنه خِطابا} بالشفاعة إلا بإذنه.
وقيل: الخطاب: الكلام؛ أي لا يملكون أن يخاطبوا الربَّ سبحانه إلا بإذْنه؛ دليله: {لا تَكَلَّم نفس إِلا بِإذْنِهِ} [هود: 105].
وقيل: أراد الكفار {لا يمِلكُون منه خِطاباً}، فأمّا المؤمنون فيَشْفَعُون.
قلت: بعد أن يُؤْذن لهم؛ لقوله تعالى: {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] وقوله تعالى: {يومئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشفاعة إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَرَضِيَ لَهُ قولاً} [طه: 109]. اهـ.

.قال الألوسي:

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} شروع في بيان محاسن أحوال المؤمنين أثر بيان سوء أحوال الكافرين ومفازاً مصدر ميمي أو اسم مكان أي أن للذين يتقون عمل الكفر فوزاً وظفراً بمساعيهم أو موضع فوز وقيل نجاة مما في أولئك أو موضع نجاة.
{حَدَائِقَ} بدل اشتمال من مفازاً على الأول وبدل البعض على الثاني والرابط مقدر وتقديره حدائق فيه أو هي في محله أو نحو ذلك وجوز أن يكون بدل كل على الادعاء أو منصوباً باعني مقدراً وهو جمع حديقة وهي بستان فيها أنواع الشجر المثمر زاد بعضهم والرياحين والزهر وقال الراغب قطعة من الأرض ذات ماء سميت بذلك تشبيهاً بحدقة العين في الهيئة وحصول الماء فيها وكأنه أراد ذات ماء وشجر {وأعنابا} جمع عنب ويقال للكرم نفسه ولثمرته والمتبادر عطفه على حدائق قبله وهو بعض منها إذا أريد به الكروم وبها الأشجار وموضعها وخص بالذكر اعتناء به وأما إن أريد به الكروم وبها الموضع فقط فلا ويتعين الاشتمال كما إذا أريد به ثمرات الكرون وجوز أن يكون هو وكذا ما بعد عطف على {مفازاً}.
{وَكَوَاعِبَ} جمع كاعب وهي المرأة التي تكعب ثدياها واستدار مع ارتفاع يسير ويكون ذلك في سن البلوغ وأحسن التسوية {أَتْرَاباً} أي لذات ينشأن معاً تشبيهاً في التساوي والتماثل بالترائب التي هي ضلوع الصدر أو لوقوعهن معاً على التراب أي الأرض وفي بعض التفاسير نساء الجنة كلهن بنات ست عشرة سنة ورجالهن أبناء ثلاث وثلاثين.
{وَكَأْساً دِهَاقاً} أي مترعة يقال دهق فلان الحوض وأدهقه أي ملأه وروى عن ابن عباس أنه فسره بذلك وأنشد قول الشاعر:
أتانا عامر يبغي قرأنا ** فاتر عنا له كأسا دهاقا

وفي البحر الدهاق الملأى مأخوذ من الدهق وهو ضغبط الشيء وشده باليد كأنه لامتلائه انضغط وعن مجاهد وجماعة تفسيره بالمتتابعة وصحح الحاكم عن ابن عباس ما رواه غير واحد أنه قال هي الممتلئة المترعة المتتابعة وربما سمعت العباس يقول يا غلام اسقنا وأدهق لنا وأخرج ابن جرير عن عكرمة أنه قال أي صافية ولا يخلو عن كدر والجمهور على الأول.
{لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا} أي في الجنة وقيل في الكأس وجعلت الفاء للسببية {لَغْواً} هو ما لا يعتد به من الكلام وهو على ما قال الراغب الذي يورد لا عن روية وفكر فيجري مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطير وقد يسمى كل كلام قبيح لغواً وكذا ما لا يعتد به مطلقاً {وَلاَ كِذباً} أي تكذيباً وقرئ بالتخفيف أي كذاباً أو مكاذبة وقد تضمنت هذه المذكورات أنواعاف من الذات الحسية كما لا يخفى.
{جَزَاء مّن رَّبّكَ} مصدر مؤكد منصوب بمعنى {أن للمتقين مفازاً} [النبأ: 31] فإنه في قوة أن يقال جازى المتقين بمفازا جزاء كائنا من ربك والتعرض لعنوان الربوبية للإشارة إلى أن ذلك حصل بترتيبه وإرشاده تعالى وإضافة الرب إلى ضميره عليه الصلاة والسلام دونهم لتشريفه صلى الله عليه وسلم وقيل لم يقل من ربهم لئلا يحملهم المشكرون على أصنامهم وهو بعيد جدًّا ويعلم مما ذكرنا وجه ترك من ربك فيما تقدم من قوله تعالى: {جزاء وفاقاً} [النبأ: 26] وعدم التعرض هناك لنسبة الجزاء إليه تعالى بعنوان آخر قيل من باب اللهم أن الخير بيديك والشر ليس إليك وقوله تعالى: {عَطَاء} أي تفضلاً وإحساناً منه عز وجل إذ لا يجب عليه سبحانه شيء بدل من {جزاء} فمعنى كونه جزاء أنه كذلك بمقتضى وعده جل وعلا وجوز أن يكون نصباً بـ: {جزاء} نصب المفعول به وتعقبه أبو حيان بأن جزاء مصدر مؤكد لمضمون الجملة والمصدر المؤكد لا يعمل بلا خلاف نعلمه عند النحاة لأنه لا ينحل لفعل وحرف مصدري ورد بأن ذلك إذا كان الناصب للمفعول المطلق مذكور أما إذا حذف مطلقاً ففيه خلاف هل هو العامل أو الفعل وقال الشهاب الحق ما قال أبو حيان لأن المذكور هنا هو المصدر المؤكد لنفسه أو لغيره والذي اختلف فيه النحاة هو المصدر الآتي بدلاً من اللفظ بفعله.
كندلا زريق المال ندل الثعالب

وقوله:
يا قابل التوب غفرانا مآثم قد ** أسلفتها أنا منها خائف وجل

فليعرف وقوله تعالى: {حِسَاباً} صفة {عطاء} بمعنى كافيا علي أنه مصدر أقيم مقام الوصف أو بولغ فيه أو هو على تقدير مضاف وهو مأخوذ من قولهم أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال حسبي وقيل على حسب أعمالهم أي مقسطاً على قدرها وروى ذلك عن مجاهد وكان المراد مقسطاً بعد التضعيف على ذلك فيندفع ما قيل إنه غير مناسب لتضعيف الحسنات ولذا لم يقل وفاقاً كما في السابق ودفع أيضاً بأن هذا بيان لما هو الأصل لا للجزاء مطلقاً وقيل المعنى عطاء مفروغاً عن حسابه لا كنعم الدنيا وتعقب بأنه بعيد عن اللفظ مع ما فيه من الإيهام وقرأ ابن قطيب {حساباً} بفتح الحاء وشد السين قال ابن جني نبي فعالا من أفعل كدراك من أدرك فمعناه محسباً أي كافياً ومنع بعضهم مجيء فعالاً من الأفعال ودراك من درك فليحرر وقرأ شريح بن يزيد الحمصي وأبو البرهسم بكسر الحاء وشد السين على أن مصدر ككذاب وقرأ ابن عباس {حسناً} بالنون من الحسن وحكى المهدوى {حسباً} بفتح الحاء وسكون السين والباء الموحدة نحو قولك حسبك كذا أي كافيك.
{رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} بدل من لفظ {ربك} وفي إبداله تعظيم لا يخفى وإيماء على ما قيل إلى ما روى في كتب الصوفية من الحديث القدسي لولاك لما خلقت الأفلاك وقوله تعالى: {الرحمن} صفة لـ: {ربك} أو لـ: {رب السموات} على الأصح عند المحققين من جواز وصف المضاف إلى ذي اللام بالمعرف بها وجوز أن يكون عطف بيان وهل يكون بدلاً من لفظ {ربك}؟
قال في (البحر) فيه نظر لأن الظاهر أن البدل لا يتكرر وقوله تعالى: {لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً} استئناف مقرر لما أفادته الربوبية العامة من غاية العظمة واستقلالاً له تعالى بما ذكر من الجزاء والعطاء من غير أن يكون لأحد قدرة عليه والقراءة كذلك مروية عن عبد الله وابن أبي إسحاق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم وقرأ الأعرج وأبو جعفر وشيبة وأبو عمرو والحرميان برفع الاسمين فقيل على أنهما خبران لمبتدأ مضمر أي هو رب السموات إلخ وقيل الأول هو الخبر والثاني صفة له أو عطف بيان وقيل الأول مبتدأ والثاني خبره و{لا يملكون} منه خبر آخر أو هو الخبر والثاني نعت للأول أو عطف بيان وقيل {لا يملكون} حال لازمة وقيل الأول مبتدأ أول والثاني مبتدأ ثان و{لا يملكون} خبره والجملة خبر للأول وحصل الربط بتكرير المبتدا بمعناه على رأي من يقول به واختير أن يكون كلاهما مرفوعاً على المدح أو يكون الثاني صفة للأول ولا يملكون استئنافاً على حاله لما في ذلك من توافق القراءتين معنى وقرأ الأخوان والحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما بجر الأول على ما سمعت ورفع الثاني على الابتداء والخبر مابعده أو على أنه خبر لمبتدا مضمر وما بعده استئناف أو خبر ثان وضمير {لا يملكون} لأهل السموات والأرض ومنه بيان لـ: {خطاباً} مقدم عليه أي لا يملكون أن يخاطبوه تعالى من تلقاء أنفسهم كما ينبئ عنه لفظ الملك خطاباً ما في شيء ما والمراد نفي قدرتهم على أن يخاطبوه عز وجل بشيء من نقص العذاب أو زيادة الثواب من غير إذنه تعالى على أبلغ وجه وآكده وجوز أن يكون منه صلة {يملكون} ومن ابتدائية والمعنى لا يملكون من الله تعالى خطاباً واحدًّا أي لا يملكهم الله تعالى ذلك فلا يكون في أيديهم خطاب يتصرفون فيه تصرف المك فيزيدون في الثواب أو ينقصون من العقاب وهذا كما تقول ملكت منه درهماً وهو أقل تكلفاً وأظهر من جعل منه حالاً من خطاباً مقدماً وإضمار مضاف أي خطاباً من خطاب الله تعالى فيكون المعنى لا يملكون خطاباً واحدًّا من جملة ما يخاطب به الله تعالى ويأمر به في أمر الثواب والعقاب وظاهر كلام البيضاوي حمل الخطاب على خطاب الاعتراض عليه سبحانه في ثواب أو عقاب ومنه على ما سمعت منا أولاً أي لا يملكون خطابه تعالى والاعتراض عليه سبحانه في ثواب أو عقاب لأنهم مملوكون له عز وجل على الإطلاق فلا يستحقون عليه سبحانه اعتراضاً أصلاً وأياً كان فالآية لا تصلح دليلاً على نفي الشفاعة بإذنه عز وجل وعن عطاء عن ابن عباس أن ضمير {لا يملكون} للمشركين وعدم الصلاحية عليه أظهر. اهـ.